الملف النووي لمفاعل ديدمونة . بين الحقيقة والأوهام

نشأ المشروع النووي الإسرائيلي في ظروف عاصفة في خمسينيات القرن الماضي وجذبت مدينة ديمونة الإسرائيلية الأنظار نحوها منذ ذلك الوقت وحتي اليوم لكونها المدينة التي تحتضن المفاعل الأكبر والأهم في إسرائيل‏.‏ وبين الحقائق والأوهام نسجت قصة مفاعل ديمونة وتسببت سياسة الغموض النووي التي اتبعتها إسرائيل كامتداد لاستراتيجية الردع بالشك في زيادة معدل الأوهام حول المفاعل الإسرائيلي علي حساب الحقائق التي كانت قليلة بطبعها إتساقا مع مبدأ إشاعة الغموض حول هذا الملف بكافة تفاصيله‏.‏

ورغم أن الكثيرين مازالوا يتحدثون عن حجم الترسانة النووية التي أنتجها المفاعل الإسرائيلي ويقدرونها بأكثر مائتي سلاح نووي‏,‏ إلا أن إسرائيل مازالت تصر علي عدم الاعتراف بحيازتها لأية أسلحة من هذا النوع‏,‏ ويردد قادتها دوما بأنه بلادهم لن تكون البادئة بإدخال أسلحة نووية إلي المنطقة‏!!‏ وعلي المنوال ذاته يكسو الغموض مسألة مدي سلامة المفاعل في ديمونة في الوقت الراهن‏,‏ فبعد أن تناولت العديد من التقارير الصحفية دوليا وعربيا احتمالات تعرض العديد من الدول المحيطة بإسرائيل إلي أخطار التسرب الإشعاعي من المفاعل الذي أصبح قديما ويتجاوز عمرة الافتراضي الصلاحية والمعايير المعروفة للأمان‏,‏

عمدت إسرائيل إلي تجاهل هذه التقارير لفترة طويلة من الزمن لتزيد من حدة الغموض حول القضية حتي في أبعادها التي لا تتعلق مباشرة بمسألة حيازتها لاسلحة نووية‏,‏ ولكن لكون إسرائيل تصر علي عدم فتح منشئاتها النووية أمام التفتيش الدولي‏,‏ كان من المحتم عليها البحث عن وسيلة لطمأنة المجتمع الدولي علي سلامة إجراءات الأمان في مفاعل ديمونه وعدم تهديده للسلامة البيئية في منطقة الشرق الأوسط وذلك عبر تشكيل لجان تقصي حقائق محلية‏,‏ ففي شهر مارس من العام الماضي أثارت عضوة الكنيست زهافا جلئون عن حزب ميرتس قضية مدي وفاء مفاعل ديمونة بالشروط العالمية للأمان النووي واستخدمت تقارير خبراء في البيئة حذروا من أن تقادم ديمونة يضع دوائر من الشك حول مدي صلاحيته ومستوي أمانه‏!‏ وردا علي ما أثارته النائبة الإسرائيلية قام فريق برلماني إسرائيلي بقيادة رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست يوفال شتاينيتش بزيارة المفاعل ليعلن بعدها‏'‏ إن مفاعل ديمونة مزود بقدرات ووسائل كافية لحمايته من احتمالات كثيرة بينها حدوث هزة أرضية‏'.‏

ولأن مسألة التفتيش علي مفاعل ديمونة حتي من قبل أعضاء كنيست إسرائيليين وليس مراقبين خارجيين تبدو في غاية الحساسية بالنسبة للحكومة الإسرائيلية‏,‏ فإن تصريحات شتيانيش ورفاقه لم تؤدي إلي طمأنة من يشعرون بالقلق من احتمالات تسرب إشعاعي من المفاعل الشهير سواء في إسرائيل أو في الدول المحيطة بها‏,‏ علي اساس أنه حتي لو كانت هناك مشكلات في المفاعل فمن غير المحتمل أن يبوح أعضاء الكنيست بها لإعتبارات أمنية بل ربما فعلوا العكس بضغوط مباشرة من الحكومة والاجهزة الأمنية‏.‏

والواقع أن المشكلة تكمن في عدم وجود معلومات حقيقية يمكن الاستناد إليها لمعرفة ما يدور داخل ديمونة‏,‏ وستظل المسألة برمتها مجرد تكهنات خاصة أن إثارة مسألة تقادم المفاعل تبدو غير ذات معني لأن التطورات العلمية والتكنولوجية ربما أتاحت لإسرائيل تحديث مفاعلها في ديمونة بل وإنتاج أسلحة جديدة لا يعرف العالم عنها شيئا‏,‏ كما ان التطورات عينها لابد أنها حسنت من إجراءات وترتيبات الأمان داخل نفس المفاعل‏,‏ خاصة أنه من المنطقي ألا تغامر إسرائيل بحياة سكانها وتقف بلا حراك أمام أي احتمالات لوجود أخطار تتهددهم‏.‏ أن ما يبقي من هذه القضية هو مواصلة الضغوط علي إسرائيل للكشف عن ترسانتها النووية والعمل علي تفكيكها وفق الإطار الذي طرحته مصر ومازالت تكافح من أجله وهو إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل وعلي رأسها الأسلحة النووية بغض النظر عن مدي وفاء مفاعلها في ديمونة أو مفاعلاتها الأخري بمعايير الأمان النووية‏.

هو لغاية دلوقت مفاعل ديمونه ده مفيش معلومات كافيه عنه

والموضوع كله محير

مشكووووووور يافامبيرو

مشكور يا محمد على المعلومات ومجهودك الرائع