فلقد أكمل الله له المحاسن والكمال البشرى فى الحبيب النبى ، من الله عليه بجمال الصورة واستواء البدن ووضاءة الوجه، وقوة الفكر والعقل ودقة الفهم وسلامة القلب وكرم النسب وشرف الأصل.
وبالنظر إلى مجموع الروايات الصحيحة التى وصفت خلق الحبيب المصطفى كما فى الكتاب الماتع للإمام الترمذى فى كتابه الشمائل المحمدية، يتبين لنا من خلال هذه الآثار والأحاديث الصحيحة أن النبى كان أحسن الناس وجهاً إذا سر استنار
وجهه كأنه فلقة قمر.
كان كث اللحية، واسع الصدر، عظيم المنكبين، ليس بالطويل ولا يالقصير، إن تكلم كأن نوراً يخرج من بين ثناياه، وما أحلى وأرق وأجمل ما وصفته به أم معبد الخزاعية حين قالت لزوجها، وهى تصف له نبيها ورسول الله : قالت: إنه رجل ظاهر الوضاءة، مليح الوجه، حسن الخلق ، أبهى الناس وأجملهم من بعيد، وأحلى الناس وأحسنهم من قريب، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظراً.
لقد من الله عز وجل على النبى بجمال الخلق، لقد من الله عليه بحسن الصورة فوالله ما عرفت الأرض أبهى ولا أحن، ولا أجمل من محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله ومن والاه.
ثم زين الله هذا الخلق البشرى بكل سمات الكمال الخلقى فى بشر زين الله هذا الخلق بالحلم والعلم والرحمة والإنابة والتواضع، والزهد، والكرم، والحياء، والمروءة، والشجاعة، والرجولة، والعفة، والعفو، والسخاء، والدين، والعبودية.
بل وجمع له كل الصفات الحميدة وأثنى عليه فى آية واحدة محكمة جامعة مانعة، فقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (4) سورة القلم من الله عليه بحسن الخلق وحسن الخلق: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} .
ومن جميل ما قرأت ما وراه البخارى([8]) من حديث عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما، فقلت: حدثنى عن صفة رسول الله فى التوراة، فقال عبد الله بن عمرو: والله إنه لموصوف فى التوراة ببعض ما وصف به فى القرآن قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (45) سورة الأحزاب. وفى التوراة: يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا وحرزاً للأمبين، أنت عبدى ورسولى، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب بالأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح ولن يقبضه حتى يفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا.
ومن أحلى وأرق ما وصفه به خادمه أنس- وتدبر قول أنس قول خادم فى
بيت النبى .
يقول أنس- والحديث فى الصحيحين([9]) : خدمت رسول الله عشر سنين- هنيئاً لك يا أنس هنيئا لأنس أن يدخل ويخرج على النبى عشر سنين، يمتع بصره بالنظر إلى الحبيب وتستمتع بصيرته بالاهتداء بالحبيب محمد هنيئاً والله لأنس يقول: فوالله ما قال لى: أف قط ولا قال لشئ صنعته: لم صنعته؟ ولا لشئ تركته: لم تركته؟.
يقول أنس: وكان أحسن الناس خلقاً ثم قال: ووالله ما مسست حريراً ولا ديبجاً ألين من كف رسول الله، ولا شممت مسكاً ولا عنبراً أطيب من عرق رسول الله صلى الله وعلى آله ومن والاه، لله درك يا أنس والله.
وفى الصحيحين([10]) من حديث عائشة قالت: قلت : يا رسول الله هل مر عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟
تعلمون أن النبى فى أحد قد شج وجهه وكسرت رباعيته ونزف الدم الشريف من جسده الطاهر، وانتشر فى أرض المعركة أن رسول الله قد قتل ونزف الدم الشريف من جسده الطاهر، وانتشر فى أرض المعركة أن رسول الله قد قتل فعائشة الفقهية تقول للحبيب : يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ فقال الحبيب :" لقد لقيت من قومك ما لقيت يا عائشة وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، يوم عرضت نفسى على ابن عبد ياليل بن كلال وهو من أشراف أهل الطائف، فلما لم يجبنى إلى ما أردت انطلقت على وجهى وأنا مهموم على وجهى ولم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب".