بعض المشاعر تولد ميتة , وعبثا نحاول بث الحياة فيها ..
برغم يقيننا بأن الموت هو حلها الوحيد .. والافضل ..!!
منذ طفولتها والخيال رفيقها الأول .. كانت خصبة الخيال لدرجة تثير الدهشة ..
ترسم بخيالها مدنا وواحات عشق ومحطات انتظار ..
وتعيش في خيالها كحيات حب يستعمر الوهم جزءها الأكبر فكل حكاياتها خيال..
وكل مواعيدها خيال وكل طقوسها خيال ..
عاشت ألف حكاية حب وراقصت ألف عاشق بجنون وبكت ألف فارس مفارق ..
وكتبت رسائلها إلى رجال بلا عنوان رجال بلا وجوه وبلا أصوات وبلا حركة ..
كانت تبدأهم بخيال .. وتنهيهم بخيال لكنها أحبتهم كثيرا..
تماما كما أحبت حكاياتها الوهمية معهم برغم أنها لم تعشق يوما رجلا ..
ولا خاضت حكاية حب واقعية ..
لكنها .. ومع التصاقها الشديد بخيالها وأبطالها إلا إنها بينها وبين نفسها..
كانت تتشهى حكاية حب واقعيه ..وتحلم برجل يسير خارج سياج الخيال ..
رجل له وجه حقيقي وصوت حقيقي وذكريات حقيقة
رجل يتحرك أمامها في النور .. رجل لا تضطر إلى إغماض عينيها كي تراه ..
رجل ينتصر بوجوده الواقعي في عالمها على كل أبطالها الوهميين ..
والتقته .. حلمها المنتظر .. حقيقتها التي طال البحث عنها ..
رجل يقف مابين شتاء العمر وخريفه .. رجل أمطر عليها من سماء الصدفة ..
رجل نسفها كالأرض لم يكن أكثرهم وسامة ولا اشد هم جاذبية ولا أعظمهم مركزا ..
لا تعلم كيف أحبته .. ومتى أحبته .. ولماذا هو ..؟؟
فالحب إحساس لا تملك له تبريرا في معظم الحالات ..
فهو كالسؤال السهل الذي نعجز عن إجابته أحيانا برغم امتلاكنا الإجابة
فنحن أحيانا لا نريد أن نجيب لأننا لا نريد أن نسمع ..
لأننا عندها نكون في حالة من الصمت والهدوء الجميل ..
لكنها أحبته .. أحبته بكل تعطش المرأة للحب ..في ربيع العمر ..
أحبته بكل حاجة المرأة للدفء في شتاء العمر ..
أحبته بكل حاجة المرأة للامان في خريف العمر ..
وحين تجتمع الفصول في عمر امرأة ما فإنها تكون في حالة حب حقيقي ..
لكنها تغيرت .. تغيرت كثيرا ..
اتجهت نحو مدن واقعية أصبح للواقع في حياتها أهمية اكبر ..
لم تعد تحلم .. لم تعد تنسج الحكايات وتصدقها .. لم تعد ترسم وجوه رجال ..
لا وجود لهم .. لم تعد تكتب رسالة بلا عنوان ..
ولم تعد تقف فوق محطات الصدفة في انتظار رجل ما ..
لكن وبرغم صدق الحلم والإحساس إلا أن إحساسها الجميل مرفوض واقعيا ..
ولن يرسو بها إلا فوق شواطئ الإحباط والألم ..
فحبيبها لن يكون يوما لها ولكي تجمعهما حكاية واقعية فلابد من حدوث معجزة ..
والمعجزة لن تحدث وانتظارها نوع من الوهم والجنون ..
هذه حكاية تكررت كثيرا وستتكرر مادامت الحياة ..
ولم اسرد حكايتها هنا كي استعرض أسباب حاجتها لمعجزة تمنحها إياه ..
لكني فقط أردت أن اعبر عن دهشتي لعلي أجد أسبابا مقنعة لاستفساراتي ..!!
لماذا نعيش سنواتنا بحثا عن شي مختلف وحين يأتي المختلف ..
لا نجد له في حياتنا متسعا يحتويه ..!!
فتضيع كل سنوات انتظارنا أمام أعيننا ونقف فوق المحطة ذاتها لتوديعه بحزن ..
كما وقفنا عليها ذات يوم لا ستقباله بفرح والأحاسيس التي ترفضنا نتعلق بها ؟
وقبل أن يرعبنا المساء إحساس مر ..
أن تحمل في داخلك إحساسا غير مكتمل النمو واقعيا ..
وتصر على الاحتفاظ به برغم قناعتك أنه لو ولد يوما .. فسيولد ميتا ...!!!
وبعد أن أرعبنا المساء :
لا تصدقهم أن المستحيلات فقط ثلاثة فتطيل الوقوف فوق شواطئ المستحيل..
كي تجرب بث الحياة في إحساس ولد ميتا ..
فهناك مستحيلات أصعب بكثير من الغول والعنقاء والخل الوفي ..