تقدم لخطبتها لكنها رفضته فاستغرب والدها من رفضها ولم يعرف السبب على الرغم من أن الشاب الخاطب من عائلة معروفة، ولديه مركز اجتماعي مرموق ويتمتع برخاء مالي ولا ينقصه شيء، بل أن حتى شكله متناسق ووجهه جميل وكلامه لطيف، ومع ذلك رفضته البنت،
فتحاور والدها معها فلم يصل إلى شيء، بل ظل يسمع منها: أنا لا أريد الزواج من هذا الشاب!! فطلب هذا الوالد أحد المختصين ليتحاور مع ابنته ويعرف سبب الرفض الجوهري، وعندما استفسر المختص عن سبب رفضها، علم أنها رفضته لسبب واحد وهو أنه شاب رقيق في كلامه وتصرفاته، ثم قالت: (وشعرت بأنه أنا وليس رجلاً).
أقول بعد سرد هذه الحادثة !
إن مقياس الجمال عند الرجل يختلف عنه عند المرأة، فالرجل يهتم بشكل المرأة وجاذبيتها، ويسحره جمال وجهها ورقة صوتها وكمال أنوثتها، أما المرأة فالجمال عندها في الرجل أن تشاهده رجلاً، تستطيع أن تعتمد عليه وتشعر عند الاقتران به انه أهل لحمايتها، وتلمس الأمن عنده، فهذا هو الجمال في عين المرأة، فجمال الشكل ووفرة المال مهم عندها، ولكن الأولوية لأمر آخر تحتاجه ليسد النقص عنها ، وتستمر الحياة بتكاملهما.
ولهذا نلاحظ أن النبي عليه الصلاة والسلام، عندما خاطب الرجل قال: ((تنكح المرأة لأربع: ...وذكر منها الجمال))، ولكنه عندما خاطب المرأة قال: ((إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه...)) فالدين والخلق هو الجمال في عين المرأة وهذه مسألة جوهرية بين الرجل والمرأة.
كما وأن هنالك مسألة أخرى في الجمال، وهي أن الجمال أمر نسبي يختلف من شخص لآخر، ومن بيئة لأخرى، ومن زمن لآخر، فقد تكون الفتاة السمراء جميلة في مجتمع، بينما مقياس الجمال في مجتمع آخر أن تكون المرأة بيضاء، وعلى كل حال فالقضية ذوقية، ولكننا نلاحظ أن شعراءنا في القدم كانوا يتغنون بالمرأة السمراء البدينة ذات الشعر الأسود الطويل، أما اليوم فالوضع مختلف، فالنحافة والرشاقة هي الجمال، بل إن وسائل الإعلام أحيانا تؤثر في ذوق الإنسان ونظرته للجمال، ولعل الجمال في ظل عصر العولمة يصبح موحدا في العالم، وهذا ما لا نرجوه، لأنه كما قيل ((لولا اختلاف الأذواق لما طارت السلع)).
ونحب أن نؤكد في الختام أن الجمال أمر أساسي ليس في الإنسان فقط، وإنما في الكون كله فان الله جميل يحب الجمال، وحب الله للجمال في كل شيء في الشكل والمحتوى وهذا ما نتمناه في علاقاتنا الزوجية، بأن يكون الحوار بين الزوجين جميلاً، والسلوكيات جميلة وتربية الأبناء جميلة وحياتهم أيضا جميلة.