ومن جميل ما قرأت ما وراه البخارى([8]) من حديث عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما، فقلت: حدثنى عن صفة رسول الله فى التوراة، فقال عبد الله بن عمرو: والله إنه لموصوف فى التوراة ببعض ما وصف به فى القرآن قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (45) سورة الأحزاب. وفى التوراة: يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا وحرزاً للأمبين، أنت عبدى ورسولى، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب بالأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح ولن يقبضه حتى يفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا.
ومن أحلى وأرق ما وصفه به خادمه أنس- وتدبر قول أنس قول خادم فى
بيت النبى .
يقول أنس- والحديث فى الصحيحين([9]) : خدمت رسول الله عشر سنين- هنيئاً لك يا أنس هنيئا لأنس أن يدخل ويخرج على النبى عشر سنين، يمتع بصره بالنظر إلى الحبيب وتستمتع بصيرته بالاهتداء بالحبيب محمد هنيئاً والله لأنس يقول: فوالله ما قال لى: أف قط ولا قال لشئ صنعته: لم صنعته؟ ولا لشئ تركته: لم تركته؟.
يقول أنس: وكان أحسن الناس خلقاً ثم قال: ووالله ما مسست حريراً ولا ديبجاً ألين من كف رسول الله، ولا شممت مسكاً ولا عنبراً أطيب من عرق رسول الله صلى الله وعلى آله ومن والاه، لله درك يا أنس والله.
وفى الصحيحين([10]) من حديث عائشة قالت: قلت : يا رسول الله هل مر عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟
تعلمون أن النبى فى أحد قد شج وجهه وكسرت رباعيته ونزف الدم الشريف من جسده الطاهر، وانتشر فى أرض المعركة أن رسول الله قد قتل ونزف الدم الشريف من جسده الطاهر، وانتشر فى أرض المعركة أن رسول الله قد قتل فعائشة الفقهية تقول للحبيب : يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ فقال الحبيب :" لقد لقيت من قومك ما لقيت يا عائشة وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، يوم عرضت نفسى على ابن عبد ياليل بن كلال وهو من أشراف أهل الطائف، فلما لم يجبنى إلى ما أردت انطلقت على وجهى وأنا مهموم على وجهى ولم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب".
تعلمون ماذا فعل بالنبى يوم الطائف، والله ما ذهب إليهم رسول الله يطلب مالاً ولا جاهاً ولا جاهة، بل ذهب إلى الطائف على قدميه المتعبتين الدائبتين لم يجد بعيراً ولا حماراً، سار على قدميه قرابة قرابة السبعين كيلو متر على قدميه المتعبتين تحت حرارة الشمس، التى تصهر الجبال وتذيب الحديد، على رمال انعكست عليها أشعة الشمس، فكادت أن تأخذ الأبصار.
ذهب الحبيب المختار إلى أهل الطائف ليقول لهم قولوا: لا إله الله تفلحوا فى الدنيا والآخرة، فماذا فعل به أهل الطائف؟ رموه بالحجارة بأبى هو وأمى طردوه لم يقدموا له طعاماً، ولا شراباً باستثناء عداس رضى الله عنه، وأرضاه ذلكم الخادم الذى أسلم ومن الله عليه بالإيمان فى هذه الرحلة.